لماذا لم يفسخ الأهلي تعاقده مع كوكاكولا كما فعل الاتحاد الجزائري؟
سُربت عبر مواقع التواصل الاجتماعي في مصر، زجاجة للاصدار الجديد لمشروب المياه الغازية كوكاكولا يحمل شعار النادي الأهلي المصري، بالاضافة لصورة أخرى لاعلان الشركة ذاتها يشارك فيه بعض نجوم الاهلي أمثال محمد مجدي أفشة وإمام عاشور.
وتعرضت إدارة الأهلي لانتقادات لاذعة من قبل الجمهور داخل وخارج مصر، بعد الكشف عن مواصلتها التعاون مع شركة كوكاكولا الداعمة لجيش الاحتلال الاسرائيلي في قطاع غزة وفلسطين، وعدم التفكير في فسخ التعاقد الرسمي الذي وُقع في شهر يونيو 2023، أي قبل 4 أشهر من الحرب على غزة في 7 أكتوبر من نفس السنة.
وطالبت جماهير الأهلي بفسخ التعاقد مع كوكاكولا، كما فعل الاتحاد الجزائري لكرة القدم في بداية شهر مارس الماضي، مهما كانت الخسائر المادية التي سيتعرض لها النادي، وانعكاس تلك الخطوة بالسلب على رواتب اللاعبين الأجانب.
هل من المنطقي فسخ الاهلي للعقد مع كوكاكولا؟
بدايةً وقبل الخوض في تفاصيل العقد الذي يربط الاهلي بكوكاكولا، يجب التأكيد على أن الاتحاد الجزائري أقدم على مقاطعة الشركة فقط بعد اقتراب انتهاء العقد الذي كان يجدد بصورة سنوية بين الطرفين، فضلاً عن عدم وجود شروط جزائية تجبر الاتحاد الجزائري على تسديد مبلغ مالي ضخم.
بالتالي فإن فسخ الجزائر لعقدها مع كوكاكولا كان أشبه بقرار عدم تمديد التعاقد لفترة جديدة وليس فسخ بالمعنى الحرفي.
أما بخصوص الإعلان الخاص بلاعبي الاهلي مع كوكاكولا، والذي سُربت صوره لوسائل الاعلام، فقد تم تصويره في نفس الفترة التي أبرمت فيها الشركة تعاقدها مع إدارة النادي نهاية صيف 2023، قبل وقوع المجازر في غزة بعدة أسابيع.
وتوجد تأكيدات من مصادر داخل النادي الأهلي بتصوير اللاعبين للاعلان بتاريخ 1 أكتوبر 2023، ما يخلي ساحة العناصر المختارة لاجراء الاعلان من أي اتهام متعلق بلامبالاة تجاه القضية الفلسطينية.
القوانين تحكم الاهلي
تحكم الشروط الجزائية والعقود ذات البنود القانونية مثل هذا النوع من التعاقدات بين الشركات والمؤسسات الكبرى، وإنهائها وفسخها شيء ليس بتلك السهولة المتوقعة من قبل المشجع العادي.
وكلما زادت القيمة السوقية للمؤسسات والأندية، ينعكس ذلك على درجة جديّة البنود التعاقدية وتشعب الالتزام من كلا الطرفين، بالتالي فإن الانفصال قبل الوقت المحدد لنهاية العقد بمدة طويلة يصبح أصعب وأصعب.
الأهلي حاليًا ليست لديه مساحة للتعامل بعاطفة، فالحديث عن فسخ التعاقد أمر لا يستطيع مسؤوليه التحدث عنه أو التجاوب مع الضغوطات الجماهيرية، حيث يعلم رئيس النادي محمود الخطيب تبعات الفسخ، ومدى قدرة النادي على تحمل تبعات قرار كهذا.
وتشير المصادر الى عدم استعداد الاهلي من الناحيتين القانونية والمالية لتسديد الشرط الجزائي مع ادارة كوكاكولا، خاصة أن العقد لا يزال في بدايته ولم يمر عليه 8 أشهر!
هل سيتحمل الاهلي أضرار فسخ العقد؟
بطبيعة الحال لن يستطيع الاهلي تحمل الاضرار التي ستنجم عن فسخ العقد مع كوكاكولا، ولو كان الامر غير ذلك لما تردد للحظة واحدة لفسخ العقد منذ اظهار الشركة دعمها للعدوان الاسرائيلي على قطاع غزة.
والاهلي ليس فريق كرة قدم فقط، بل ناد للالعاب الرياضية، وهو بحاجة لكل العوائد المالية من عقوده مع الشركات العالمية التي تعاقد معها لتوفير التزامات بملايين الدولارات تجاه كل الألعاب من كرة قدم واليد والسلة والطائرة والسباحة وتنس الطاولة وغيرها.
وفي حال قرر النادي التراجع عن التزامه بالتعاقد مع كوكاكولا، سيضطر في المقابل الى تقليص ميزانية الألعاب المختلفة.. وهو ما لن يرضي الجمهور المتطلب، والذي لا يتحمل ولا يقبل عادة بخسارة ولو بطولة واحدة في كل الالعاب.
ويجب ألا ننسى نقطة حيوية للغاية، حتى لو الاهلي نجح في ايجاد غطاء لفسخ العقد، هل سيمر هذا الحدث مرور الكرام دون تأثير سلبي على سمعة النادي تسويقياً، وهو الذي جاهد طويلاً لبناء علامة تجاريّة عالميّة؟
كوكاكولا كانت تنتظر مناسبة كبيرة مثل كأس العالم للأندية في السعودية، لاطلاق حملتها الترويجية، ولكن بسبب الأحداث التي وقعت في غزة وحملات المقاطعة العظيمة الناجحة التي شنها المصريون، تأجلت الحملة حتى يورو 2024.
ومع تزايد الخسائر أرادت كوكاكولا العودة لايادي المصريين من مدخل عاطفي يتعلق بأشهر ناد في المنطقة العربية ألا وهو النادي الاهلي، لايجاد حل لتسويق المنتجات المتراكمة في الثلاجات.
ويأمل مسؤولو النادي الأهلي أن يتعامل الجمهور بفطنة وذكاء اقتصادي، فلا يوجد أحد داخل الادارة يود اجبار أحد من المشجعين على شراء شيء غير مرغوب فيه، داخل منتجات المقاطعة من أجل فلسطين.
وسبق لادارة الاهلي ارسال مساعدات طبية وغذائية مختلفة الى غزة على هيئة قوافل مكونة من 10 الى 15 سيارة، وهو دليل آخر على حسن نية مسؤولي النادي الذين يدعموا بصورة غير رسمية المقاطعة ويحثوا على تشبث الجماهير العريضة بموقفها المساند لغزة.
لكن في الوقت ذاته ينتظر الاهلي من محبيه تفهم مسؤولياته تجاه آلاف اللاعبين والعاملين الذين ستتأثر حياتهم بصورة غير عادية لو قرر النادي الاقدام على قرار فسخ تعاقده مع أكبر رعاته، لأنه من المؤكد سيسدد تعويضات طائلة ربما خزينة النادي لا تستطيع تحملها وتؤدي للافلاس في المستقبل وتنتهي معه أسطورة الاهلي خصوصاً في ظل وجود أندية شركات في الدوري على أهبة الاستعداد لاخذ مكان الاهلي في اي وقت بخطف نجومه وادارييه فور تعرضه لضعف مالي حاد.
ويجب الاشارة مجدداً الى أن النادي الأهلي هو النادي الوحيد في العالم الذي أرسل قوافل مساعدات الى غزة بصورة ثابتة ودون انقطاع منذ بداية الحرب، وموقفه كادارة ولاعبين ومسؤولين وموظفين وجماهير من القضية الفلسطينية ثابت تاريخياً بالعديد من المواقف العملية بعيداً عن مظاهر المساندة في المدرجات من أعلام ولافتات وأهازيج، فضلاً عن احتفالات اللاعبين.